تناول مجموعة من المؤلفات تاريخ الشاي في المغرب، فبعد تعرف المغاربة على الشاي في القرنين الماضيين لقي هذا المشروب اعجابا كبيرا . وتبع هذا نقاش محتدم حول مشروب "آتاي" بين الفقهاء بالمغرب هل هو حلال أم حرام، وحرم الكثير من فقهاء المغرب وأفتى بتحريم شرب الشاي فيما خالفهم آخرون.
ويذكر الباحثان المغربيين عبد الأحد السبتي وعبد الرحمن الخصاصي في كتاب "من الشاي إلى أتاي.. العادة والتاريخ"، ، أن دخول الشاي إلى المغرب كان على يد الإنجليز في عهد السلطان المولاى إسماعيل بالقرن 18 ، إذ كان يستخدم في البداية كدواء، قبل أن يستخدم كمشروب، وظل حكرا على الأغنياء و كبار الدولة.
من الطريف أن الشاي كان موضع منظومات وتألیف ومساهمات أدبية . وخاصة منذ بداية القرن 19 . وكان هناك من الفقهاء من ينظر إليه نظرة معادية لأنه «شراب فاسد ! » . وإذا كان للخمر وجود قديم بالمغرب كما في أقطار إسلامية وغيرها فإن مؤسسات الحكم في أوج قوتها وتدخل الفقهاء وممثلي الأمة كان يكفي لإغلاق الخيارات التي يشرف عليها اليهود عادة . ولحساب مواطنيهم اليهود أصلا .
وقد لقي هذا المشروب جدلا كبيرا عند الفقهاء فنجد أن أحمد حامد بن محمد في إحدى فتاويه يقول إنه نادم على شرب الأتاي، وأنه حرام وأضاف
"ولأني كنت من أهله جدا، وشربته على كل وقت، وشربته مع الحقيرين والسفهاء، وما أجيز على المثل يجوز على مماثله".
كما وصف الشاي بأنه
"من باب الهوى والنفس والشيطان"، فنجده يقول "أرجو من الله أن يهدي كل من رأى كتابي هذا على ترك الشاي، لأن تركه فيه خلاف النفس والهوى والشيطان، والبعد من الاثام، والحفاظ على المال وراحة البال".
ويذكر لنا حامد بن محمد أسباب تحريمه بقوله: "من بينها مهلكة للنفس ، ومرض للجسد ، والصداع الشديد ،ويؤدي إلى ضياع الرزق ... وضياع الرزق حرام ، وما يؤدي إلى الحرام حرام ". (كان ثمن الشاي و السكر غاليين جدا حتى أن المغاربة كانوا يتطوعون للحرب العالمية مقابل الشاي و السكر).
ويرى أن من أسباب تحريمه إلهاء الناس "به في أول النهار عن جلب الحيوان إلى المرعى ، وأن شربه لا يسمن ولا يكفي من الجوع..وذلك يؤدي إلى ضياع المال والذات. وأنه يشغلهم عن عن الصلوت حتى يفوت وقت ادائها ".
أمّا السبب الأكثر إثارة، والذي استند إليه الفقهاء المُحرّمون لشرب الشاي، فهو أنّه "في هيئته وآنيته يشرب الخمر".
نجد تأثير تحريم شرب الشاي عندما نرى أن قاضي مكناس أحمد بن عبد الملك العلوي فكان لا يقبل شهادة من شارب الشاي.
وفي المقابل نجد أن هناك فقهاء آخرين أحلّوا شرب الشاي، ومنهم الفقيه محمد حبيب الله بن مايابي الجكني.
كما ذهب بعض الشعراء للدفاع عن أحلية الشاي، مثل سليمان الحوات الذي كتب قصيدتة مطلعها:
"دعوا شرب الخمر فالخمر مسكر ** وفي شرع الله كل المسكرات حرام.
وهيموا بشربكم اتاي ** فإنه حلال وليس في الحلال ملام."
عبد الأحد السبتي وعبد الرحمان لخصاصي- من الشاي الى الآتاي - العادة والتاريخ الطبعة الأولى سنة 1999م كلية الآداب والعلوم الانسانية - الرباط
عبد الحق المريني- كتاب الشاي في الأدب المغربي - سلسلة شراع العدد 57