معلومات عن الكتاب :
مقتطف من الكتاب
تقع افريقيا الشمالية - أو بلاد المغرب كما كان يسميها الأقدمون - في الناحية الشمالية من القارة الافريقية، بين الخط 28 و 37 من خطوط العرض الشمالية كما تقع بين الدرجة 13 غرباً والدرجة 10 شرقاً من خطوط الطول ؛ وتبلغ مساحتها 950,000 كيلومتر مربع ، هذا بغض النظر عن توابعها الصحراوية ، ويتراوح عدد سكانها بين 28 و 30 مليون نسمة على حسب ما جاء في الاحصاءات الرسمية ، بحيث نستطيع كثافة السكان بثلاثين نسمة لكل كيلومتر مربع ، على وجه التقريب ؛ وهو - كما ترى - قدر ضئيل بالنسبة لعرض البلاد المغربية.
أما حدودها الطبيعية فهي البحر الأبيض المتوسط من الشرق والشمال ، ومحيط الأطلنتيك من الغرب ؛ اما من جهة الجنوب فرمال الصحراء المترامية الأطراف تفصل المغرب عن بقية القارة الافريقية.
وقد عرفت افريقيا الشمالية منذ أقدم العصور بأسماء مختلفة ؛ فاليونان مثلاً ، كانوا يسمونها « ليبيا ، في حين أن الرومان كانوا يطلقون عليها كلمة « أفريكا - Africa - ؛ على ان هذا اللفظ انما وضع - أول الأمر ـ للمنطقة المعروفة الآن بالقطر التونسي ؛ لكن سرعان ما عم استعمال هذه الكلمة ؛ فأصبح يفهم من لفظة « أفريكا » بلاد المغرب بأسرها وبعد ذلك افتتحها العرب ؛ فعرفت عندهم « يجزيرة المغرب » نظراً لأن البحر يكتنفها من ثلاث جهات ورمال الصحراء من الجهة الرابعة ؛ وأطلقوا بالخصوص كلمة « المغرب الأقصى » على القسم الغربي منها نظراً لبعده عن الجزيرة العربية وتنقسم هذه البلاد العريضة التي تعتبر همزة الوصل بين أروبا وافريقيا السوداء الى أقسام ثلاثة من الناحية السياسية .
أولاً – المملكة المغربية – أو المغرب الأقصى – وتبلغ مساحتها 450,000 كيلومتر مربع بقطع النظر عن أجزائها المغتصبة ؛ وعدد سكانها 14 مليون نسمة ؛ دخلت تحت الحماية سنة الفرنسية سنة 1912 م ونالت استقلالها بعد كفاح مرير 1956.
ثانياً - المغرب الأوسط ، أو ما يعرف بالجزائر ، وقع احتلالها منذ سنة 1830م مساحتها 375,000 كيلومتر مربع ؛ وعدد سكانها يزيد قليلاً على 10,000,000 نسمة .
ثالثاً - الجمهورية التونسية التي تبلغ مساحتها 155,000 كيلومتر مربع وعدد سكانها 4,500,000 دخلت الأخرى تحت الحماية الفرنسية سنة 1881 . واعترف باستقلالها سنة 1956 .أيضاً ومما ينبغي الإشارة اليه ان هذين القطرين الأخيرين لم يتخلفا مرة واحدة عن المشاركة في كل الحركات التي غشيت البلاد المغربية ، سواء كانت هذه الحركة اجتماعية أم سياسية؛ وقد أخذا أيضاً حظها من المدنيات القديمة التي طرأت على هذه البلاد ، في حين ان المغرب الأقصى وان كان حسن الموقع إلا انه ظل منعزلاً عن بقيه الشعوب القديمة ، وذلك بوجود جبال الأطلس المتوسط التي فصلته عن المغربين الأدنى والأوسط من جهة ، ومضيق جبل طارق الذي فصله ـ من جهة أخرى ـ عن أروبا هذا وتخترق بلاد المغرب من أقصاه إلى أقصاه سلسلة جبلية عظيمة يعتبرها الجغرافيون جزءاً من جبال الألب الأوربية - Alpes - ؛ وتبتدى تلك الجبال في ساحل البحر الأبيض الشرقي وتنتهي بالساحل الأطلنطي ؛ وهي من المغرب الى المشرق أولاً - جبال الريف الشمالية الواقعة بالمغرب الأقصى ؛ وتشتمل من جهة على الأطلس الساحلي البالغ ارتفاعه 2,300 متراً في جبال جرجرة ( الجزائر ) ؛ وعلى جبال « بيتكة » ( Bétique ) في الأندلس ، من جهة أخرى .