معلومات عن الكتاب
عنوان الكتاب : الفتح الاسلامي لبلاد المغرب في كتابات المؤرخين الفرنسيين.صاحب الكتاب : محمد عميرة.
دار النشر : الدار الوطنية للكتاب
مقتطف من كتاب الفتح الاسلامي لبلاد المغرب في كتابات المؤرخين الفرنسيين
من اللافت للانتباه أن المصادر العربية عندما عالجت موضوع فتح بلاد المغرب" أغفلت الحديث عن أسبابه، ومن ثم تركت الباب مفتوحا على مصراعيه للاجتهادات والتفسيرات والتأويلات المختلفة، ولم يضيع الكتاب الفرنسيون الفرصة، فراحوا يعملون على ملء هذا الفراغ بتطريقة التي تنسجم مع اتجاهاتهم الاديولوجية والسياسية.
ومن هؤلاء، على سبيل المثال. Mercier الذي يقول: "إنه بعد انتهاء حروب إقرار (établissement الدين الإسلامي، بانتصار حققته هذه العقيدة ( رمى محمد (Mahomet) (صلعم) المناطق المجاورة بلاده بأتباعه، ثم صار الجهاد بعدما رسمه الذريعة المتجدّدة، دائما، توسعات (Conquetes) أخرى؛ وعند وفاة النبي (prophete) أراد عمر، الذي تولى بعده الخلافة اتباع الطريق المرسوم، فتوج النصر سنحته، بحيث أنه بعدما أخضع بلاد الشام، اتخذ قرارا جريئا باحتلال مصر، ولبلوغ هذا الهدف سيّر مساعده عمرو بن العاص، حوالي 640م، فتمكن هذا القائد من انتزاع إمبراطورية البطالمة القديمة، من أيادي ممثلي هرقل (Heraclius الضعيفة، مواصلا سيره، بعدئذ، نحو الغرب حيث تقدم إلى كيرنايكا (Kyrenaique) المعروفة عند العرب ببلاد برقة .
وفي نفس هذا الاتجاه يذهب .Bousquet G. H بقوله: إن النبى محمد الذي لم تتجاوز توسعاته (ses conquetes) حدود بلاد العرب، توفي سنة 632م، وبعد عشر سنوات، كان أتباعه يحتلون جزءا من بلاد البربر : أرض برقة (Cyrinaique) سنة 642م، وأرض طرابلس (Tripolitaine) عند مدخل إفريقيا الشمالية سنة 643م .
وبالنسبة لـ Terrasse. H فإن الإسلام" بعد توسعه السريع في بلاد الشام وبلاد الرافدين ومصر وبلاد فارس وآسيا السامية والإيرانية، سجل توقفا مؤقتا في مدخل عالمين جديدين بالنسبة إليه: استبس آسيا الوسطى، حيث يبدأ العالم التوراني شرق إيران ؛ وأراضي الهند وحوافها الغربية، جنوبا ، مضيفا أن "بيزنطة" بعدما تركت بلاد الشام
La syrie) ومصر تسقطان أوقفت الإسلام، بعناء، شمال شرق إمبراطوريتها الحديثة، ونظمت على الحدود الشامية لآسيا الصغرى مقاومة متأخرة لكنها فعالة ... فتراجُعُ الإسلام أمام شساعة آسيا الوسطى أو الهندية، واصطدامه بالحاجز البيزنطي، جعلاه يبحث عن توسعات جديدة في أماكن أخرى .
كما يرى Terrasse أن قيام الأسرة (dynastie) الأموية واستقرار الخلافة بدمشق أدخل الإسلام الذي احتفظ بمركزه، حتى ذلك الحين ببلاد العرب (Arabic)، في مدرسة بلاد الشام، فتسلّم، شيئا فشيئا، إرث العالم الإغريقي وتحولت الهيمنة (primauté) التي كانت تنعم بها بلاد الشام، منذ قرون في العالم المتوسطي، إلى هيمنة سياسية، وكان الشاميون الذين دخلوا في خدمة الخلافة الجديدة يعرفون مسالك (chemin) البحر الأبيض المتوسط، إذ كان تجارهم متواجدين، قبل ذلك في الموانئ وفي كل المدن الكبرى للإمبراطورية الرومانية القديمة، والأساطيل الشامية هي التي زوّدت الإسلام بقواته البحرية الأولى ومكنته، في وقت قصير من السيطرة على البحر ...
ومما يذكر نفس المؤلف أيضا أنَّ تَأثر شمال إفريقيا l'Afrique du nord وشبه الجزيرة الإبيرية كان أقل من تأثر إمبراطورية الغرب (occident) القديمة بالغارات البربرية (invasions barbares) أي الوندال، وقد تكون سمعة غناء أراضيها تمبرر هي التي جذبت إليها الجيوش الإسلامية، فكان أول عمل قامت به في توسعها (conquete)، هو الإغارة (razzia)، وستعيش، بعد النصر، على استغلال الأرض المحتلة (conquise) وبذلك ستمكن الخلافة لأموية من هزيمة بيزنطة في شرق بلاد البربر ومن إضعاف قوتها لبحرية بالاستيلاء على قسم كبير في السواحل التي استردها جوستينيان (Justinien) .