تحميل كتاب من التراث التاريخي و الجغرافي للغرب الإسلامي تراجم مؤرخين و رحالة و جغرافيين pdf

تحميل كتاب من التراث التاريخي و الجغرافي للغرب الإسلامي تراجم مؤرخين و رحالة و جغرافيين pdf من التراث التاريخي و الجغرافي للغرب الإسلامي تراجم مؤرخين و رحالة و جغرافيين


 معلومات عن الكتاب

عنوان الكتاب :  من التراث التاريخي و الجغرافي للغرب الإسلامي تراجم مؤرخين و رحالة و جغرافيين.
صاحب الكتاب : ناصر الدين سعيدوني.
دار النشر : دار الغرب الاسلامي - بيروت.
الطبعة :  سنة 1999.




مقتطف من الكتاب

يشكل الرصيد الثقافي لأمة ما الجسر الذي يربط قيم الماضي بمعطيات الحاضر، فهو بمثابة السياج الذي يكسبها المناعة ويحول دون ذوبانها في الآخرين ويمكنها من التطور ويحفزها على الإسهام الحضاري الذي يجمع عمق الأصالة وجديد الحداثة. وهذا ما يطرح على الذهنية العربية الإسلامية في عالم اليوم تساؤلا، قد يبدو للبعض غير ذي أهمية ولكننا نراه في ظروفنا الحالية المتصفة بالتأزم المعرفي والقلق الثقافي من الخطورة بمكان لأن الإجابة عليه هي التي تحدد فهمنا للماضي وتقييمنا للواقع وتصورنا للمستقبل، وهذا التساؤل يمكن أن يصاغ في شكل مساءلة للنفس ومراجعة للذات وليكن بهذه الصيغة. هل تعرفنا حقاً على تراث الأجداد وحاولنا فهمه وعملنا على تمثله وسعينا لتجديده وإثرائه وجعله يتماشى ورقي المعرفة المعاصرة، ويساير تطور التجربة الإنسانية المعاشة . قد تختلف الإجابات وتتعدد الآراء، لكن مما لا شك فيه أن الكثيرين منا لا يتعدى مضمون إجابتهم التعبير عن قناعة مفادها أننا قصرنا في حق تراث الأجداد وميراث الأحفاد، ولا أدل على ذلك من النظرة المضطربة والذهنية المشوشة والقصور العلمي الذي يطبع الواقع الثقافي العربي الإسلامي في الظروف الراهنة، فيما يتصل بمعالجة مسألة التراث أو التعامل مع حصيلة العطاء التقني للثقافة الغربية .


ولعل أولى الخطوات في تصحيح هذا الوضع هو مراجعة طريقة التعامل مع القيم الروحية والمعرفية للتراث وإعادة التعرف على أبعاده ومنطلقاته الحضارية بأسلوب جديد يمكن جمهور القراء من تمثل الجانب الثقافي منه، وخاصة ما يتعلق منه بالذاكرة التاريخية والمعرفة الجغرافية.


إن أغلب ما ينتج في مجال التراث المعرفي العربي الإسلامي في عالم اليوم إما دراسات أكاديمية معمقة كثيراً ما تظل حبيسة دوائر متخصصة تكاد تكون بعيدة عن شواغل الناس العاديين، وإما معالجات سطحية لا تكسب القارىء معرفة ينتفع بها ولا تعطيه فكرة واضحة تؤثر على فهمه وسلوكه وهذا ما أدى إلى انفصال التراث عن الذاكرة وانقطاع شرائح واسعة من المجتمع عن التفاعل مع هذا التراث وتمثل قيمه الحضارية .

في هذا الإطار تصبح للكتب المعجمية سواء في شكل قواميس أو موسوعات معرفية أو مدونات عامة أو دوائر معارف مبسطة مكانة خاصة، فهي الوسيلة الملائمة للتعرف على مضمون التراث بمختلف أصنافه وتفرع جوانبه وتعدد شخصياته والعامل المساعد الذي يعد من شيوع الثقافة السطحية ويحول دون الإنتاج الرديء، مما يعمل على تقريب مضمون التراث من القارىء والأخذ بيده ثقافة أكثر عمقاً وشمولاً ومنطقية.


 إن الساحة الثقافية العربية وخاصة ببلدان المغرب الإسلامي تشكو اليوم من نقص ملاحظ في التأليف الخاصة بالتراث التي تتصف بالبساطة في العرض والإحاطة في التناول والتنوع في الاهتمام، فرغم ظهور مبادرات رائدة تعرف بالمؤلفين والمؤلفات مثل ما قام به الشيخان عبد الحق الكتاني والحفناوي قديماً وما ساهم به الأساتذة عبد الوهاب بن منصور ومحمد محفوظ وعادل نويهض حديثاً، إلا أن الميدان لا يزال يحتاج إلى مزيد من الجهد في هذا المجال، وهذا ما أشعرنا منذ سنوات بضرورة المساهمة في هذا المسعى، وقد تبلورت الفكرة عندما شاركنا في إنجاز معجم مشاهير المغاربة الذي نشرته حديثاً جامعة الجزائر في نسخة أولية تتطلب التصحيح والتعديل والتحوير لتدارك ما قد يلاحظ عليها.


و مادام مجال موسوعات التراث يتجاوز الجهد الشخصي إلى العمل الجماعي، ويتعدى المسعى الفردي إلى رعاية المؤسسات فإننا وطنا أنفسنا على حصر الاهتمام في مجال التراث التاريخي الجغرافي العربي الإسلامي، وذلك بحكم الاختصاص. كما أن غنى هذا التراث وتنوع أصنافه في كل قطر من أقطار  العالم الإسلامي الواسع جعلنا نحدد مجال الاهتمام بمنطقة الغرب الإسلامي وهي الأقاليم الواقعة إلى الغرب من وادي النيل التي كان لها إسهامات في الثقافة التاريخية - الجغرافية العربية الإسلامية، وتكون في مجموعها مجالاً ثقافياً متجانساً وبيئة علمية واحدة إذا ما قورنت بباقي أقاليم العالم الإسلامي، وهي تشمل بلدان المغرب العربي حالياً ومنطقة الساحل الإفريقي جنوب الصحراء المرتبطة ثقافياً بالمغرب العربي، بالإضافة إلى ما كان يعرف بالأندلس (شبه الجزيرة الايبيرية) وجزيرة صقلية.




تعليقات