معلومات عن الكتاب
الناشر : مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية
(سلسلة ندوات).
مقتطف من الكتاب
وفي نهاية سنة 1463 قام ألفونسو الخامس بحملته الثانية على إفريقيا قصد احتلال مدينة طنجة. وبعد فشله في هذه العملية قام بغارة إلى الجبال المجاورة بحماية موكب دون دوارتي دي مينيسيس، ابن حاكم سبتة. وفي كمين نصب لهم في منطقة أنجرة يوم 20 يناير ،1464، كاد ألفونسو الخامس أن يفقد حياته لولا تدخل دون دوارتي الذي لقي مصرعه في سبيل نجاة ملكه.
وتقديرا لما بذله دون دوارتي وامتنانا له، كلف ألفونسو الخامس زورارا بكتابة «تاريخ الكونت دون دوارتي دي مينيسيس». وفي سبيل القيام بذلك على أحسن وجه، انتقل زورارا إلى القصر الصغير حيث بقي هناك سنة كاملة – من غشت 1467 إلى غشت 1468 يجمع فيها الأخبار والمعلومات الشفاهية، معتمدا في ذلك على ما يرويه له رفاق الكونت. وقد كتب هذه الأخبار بمعية هؤلاء الرفاق. وقد بدأها بالقصر الصغير، وانتهى منها عند عودته إلى البرتغال.
وكما يتضح مما سبق، فكل هذه الروايات تضم مادة تاريخية عن احتلال البرتغال لمدينة سبتة، ووقائع أخرى لاحقة، لها علاقة بنفس الموضوع. إلا أن موقع زورارا كمؤرخ بلاط جعله يقدم رواية شبه رسمية لأخبار الحملة بعد مرور أكثر من 35 عاما، بما يعنيه ذلك من إعادة بناء تراجعي لأحداثها، على ضوء نتائج الحملة، ومتطلبات مرحلة حكم الفونسو الخامس.
كتب ماتيو دي بيزانو هذا الكتاب باللغة اللاتينية سنة 1460، ولم يُعثر على المخطوط القديم الأصلي إلا بعد مرور 330 سنة ظل فيها طي النسيان حينما قام خوسي كوريا دا سيرا José Correa da Serra كاتب الأكاديمية العلمية بلشبونة، بنشر النص اللاتيني تحت عنوان: كتاب حرب سبتة»، وهذا النص اللاتيني هو الذي استخدمه العقيد روبيرطو كوريا بينطو لإعداد ترجمته إلى البرتغالية في طبعة 1915.
كان ماتيو دي بيزانو - كما يذكر عن نفسه - مبرراً في الآداب وشاعرا مارس خدماته في بلاط ملك البرتغال بصفته مرب للأمير الصغير ولي العهد دون ألفونسو الذي سيحكم البرتغال بعد ذلك باسم ألفونسو الخامس، حيث ظل بیزانو بجانبه كاتبا ومستشارا ذا مكانة عالية.
وما تجدر الإشارة إليه هنا هو اطلاعه الكبير ومعرفته الواسعة باللغة اللاتينية التي كانت من المعارف الهامة والمتداولة بين الأوساط الأرستقراطية في تلك الحقبة. إن «كتاب حرب سبتة كتب سنة 1460 أي 45 سنة بعد احتلال المدينة وهو لا يقدم لنا من المعلومات الجديدة حول تاريخ سبتة إلا القليل، ويبدو في الواقع أنه نسخة مختصرة من كتاب زورارا السالف الذكر . إنه - كما يقول مترجمه إلى البرتغالية - طبعة موجهة بالأساس إلى الأجانب، حول أخبار احتلال سبتة.
بدون شك، كان هذا هو الهدف الذي يتوخاه الملك ألفونسو الخامس عندما كلف بيزانو بترجمة الكتاب المذكور، وكتاب آخر، هو «تاريخ الأمير دون پیدرو» خاله ووصيه، إلى اللاتينية)، وذلك من أجل تعريف الأمم الأخرى بالمنجزات
الحربية للبرتغاليين.
إن بيزانو ينقل لنا نفس الأخبار التي أوردها زورارا مقتفيا أحيانا خطاه خطوة خطوة، مع إدراج بعض الأبيات الشعرية النابعة من مزاجه الشعري وبعض التحريفات. كما أنه يدرج بعض استنتاجاته من جعبته وحصاده، كثيرا ما تفتقد الأساس التاريخي.