معلومات عن الكتاب
عنوان الكتاب : التأثير المورسكي في المغربمقتطف من الكتاب
غير انه من الممكن القول إن أكبر التحولات التي عرفتها البيئة المجتمعية في الأندلس إبان الوجود العربي الإسلام بها، والتي ربما فاقت في تأثيرها وخطورتها بالنسبة للرؤية المسيحية الإسبانية المتعصبة انتشار الإسلام في هذه الأرض، هي تحول المجتمع الأندلسي إلى جزء من امتداد مجتمعي أوسع المجتمع العدوة المغربية. إذ من المعروف أن معنى كلمة موريسكيون في قاموس اللغة الإسبانية يشير إلى أن مصدر كلمة "موريسكي" هو كلمة "مورو"، التي اتصلت بكلمة Morisco باللاتينية، وتعني سكان شمال أفريقيا ثم تحولت لفظة موريسكيين إلى معنى المسلمين الذين بقوا في إسبانيا تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الممالك الإسلامية، وأجبروا على اعتناق المسيحية.
فحتى بعد سقوط الإطار السياسي للممالك المسلمة في إسبانيا، بل وحتى بعد حملات التنصير بالإكراه لمن بقي من المسلمين في هذه الأرض، فإن الطرد الجماعي كان مصير الموريسكيين بأعداد تقدر بمئات الآلاف، بمعنى أنه حتى مع إنهاء الوجود الإسلامي كان هنالك إصرار على تقويض المجتمع الموريسكي في الأندلس، وبالتالي إحداث هذا الشرخ المدوي في النسيج المجتمعي المشترك بين المغرب والأندلس، وقد انتبه إلى هذه المسألة عدد من المؤرخين والباحثين المعاصرين في الموضوع ومنهم المؤرخ ميغيل انخيل لديرو ايسادا في كتابه "غرناطة : تاريخ دولة إسلامية -1232 - 1571 حين أكد أن صدور مرسوم 1502 الخاص بتنصير المسلمين كان يعني نهاية المجتمع الإسلامي في غرناطة وإسبانيا والتحول إلى مجتمع موريسكي؟.
ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام العلمي المغربي خاصة - بهذا الموضوع الذي برز فيه عدد من المؤرخين والباحثين المعاصرين الكبار، ويأتي في طليعتهم المؤرخ المغربي محمد بن عزوز حكيم وغيره من الأسماء المغربية المعروفة.
فإذا كان هنالك دافع لتناول هذا الموضوع متصل بالسياق الإنساني والحضاري ومعني بالذاكرة ومعالمها والحفاظ عليها، خاصة مع المحطة التي نشهدها في الذكرى الـ400 لهذه الملحمة الإنسانية الخالدة، فإن ثمة سياقا معرفيا لعلاقة المغرب بالمسألة...