لماذا تم تقسيم كوريا ؟ أسباب الحرب الكورية وظهور كوريا الشمالية والجنوبية

كوريا الموحدة 

في العصر الوسيط و الحديث، كانت شبه الجزيرة الكورية موحدة، تحكمها أجيال من السلالات الحاكمة. بعد احتلالها من قبل اليابان بعد الحرب الروسية اليابانية في عام 1905 وضمها رسميا بعد خمس سنوات، ظلت كوريا تحت وطأة الحكم الاستعماري الياباني لمدة 35 عاما (حتى نهاية الحرب العالمية الثانية) حيث هزمت اليابان من طرف قوتين حليفتين في تلك الحقبة الاتحاد السوفييتي الذي كان يساند المقاومة المسلحة في شمال كوريا والولايات المتحدة الامريكية التي سحقت اليابان في الحرب.  وعندها بدأت بوادر تقسيم كوريا إلى دولتين.

لماذا تم تقسيم كوريا

بعد الحرب العالمية الثانية انعقد مؤتمر يالطا  في فبراير سنة 1945، وتم  فيها الاتفاق بين قوى الحلفاء على ادارة المناطق التي تم تحريرها من طرف قوات المحور(اليابان و المانيا بالتحديد) وهذا لضمان انشاء حكومات محلية موالية للحلفاء.  لكن نظرًا للتوترات بين الاتحاد السفوياتي والولايات المتحدة (اللذان كانا الحليفين الرئيسيان في الحرب ضد المحور)، تم الاتفاق على تقسيم  كوريا على طول العرض 38 درجة بحيث يدير الاتحاد السوفياتي شمال كوريا، بينما تدير الولايات المتحدة لجنوب كوريا.

في أغسطس 1945، تقاسم الاتحاد السوفييتي الذي يتبع النظام الاقتصادي الشيوعي والولايات المتحدة الامريكية التي تتبع النظام الرأسمالي السيطرة على شبه الجزيرة الكورية. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية (1945-1948)، أنشأ الجيش السوفييتي ووكلاؤه نظامًا شيوعيًا في شمال كوريا .و في الجنوب تم تشكيل حكومة عسكرية، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الامريكية.

 كانت السياسات السوفييتية تحظى بشعبية واسعة بين الجزء الأكبر من العمال والفلاحين في كوريا الشمالية، لكن معظم الكوريين من الطبقة المتوسطة فروا إلى كوريا الجنوبية ، حيث يقيم غالبية السكان الكوريين اليوم. فمن الواضح أن النظام المدعوم من الولايات المتحدة في الجنوب كان يفضل العناصر اليمينية الرأسمالية المناهضة للشيوعية، وفقًا لروبنسون.

كانت الحرب الباردة كانت امرا واقعا وحدثا يعيش مظاهره الكوريون. فكل ما محاولة لإيجاد أرضية مشتركة أو  إعادة توحيد كوريا تم إحباطها بسبب عدم رغبة الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في الاستسلام للآخر فالتوحيد يعني تطبيق نظام اقتصادي واحد سواء كان رأسمالي أو اشتراكي.

وفي عام 1948، دعت الولايات المتحدة إلى إجراء استفتاء برعاية الأمم المتحدة لجميع الكوريين لتحديد مستقبل شبه كوريا جمعاء. لكن شمال كوريا المدعوم من طرف السوفييت رفض المشاركة، وبهذا شكل الجنوب حكومته الخاصة في سيول عاصمة كوريا الجنوبية الحالية، بقيادة سينغمان ري المناهض بشدة للشيوعية.

ردت كوريا الشمالية بالمثل، فد قامت بتعيين زعيم حرب المقاومة المسلحة السابق كيم إيل سونج كأول رئيس وزراء لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في العاصمة بيونج يانج .

الحرب الكورية

اندلعت الحرب الكورية سنة 1950م ودامت الى سنة 1953م، وقد أودت بحياة ما لا يقل عن 2.5 مليون نسمة و لم يكن لها نتائج تقود لتوحيد كوريا ولا حتى اظهار أي نظام يمثل كوريا "الحقيقية". بل انتهت بتريسخ الكراهية بين كوريا الشمالية و الجنوبية و الاهم من ذلك, كراهية الشماليين للولايات المتحدة الامريكية بقوة حيث برزت كعدو دائم لهم، ذلك بعد قصف الجيش الأمريكي القرى والبلدات والمدن الكورية الشمالية في الحرب.

ما بعد الحرب

خلافاً للمناطق الاخرى في العالم الذي برزت فيها مظاهر للحرب الباردة، كألمانيا الشرقية والغربية، كانت الحركة بعد الحرب الكورية عبر المنطقة المنزوعة السلاح بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ضئيلة للغاية منذ عام 1953. ويصف روبنسون الحدود بأنها "مغلقة بإحكام"، وهو ما يساعد في تفسير المسارات المختلفة بشكل جذري بين كوريا الشمالية والجنوبية. مما يضمن استمرار الانقسام بينهما.

طورت كوريا الجنوبية اقتصادا قويا، وفي العقود الأخيرة واتخذت خطوات نحو التحول إلى دولة ديمقراطية بالكامل. وذلك تزامنا مع استمرار العلاقات القوية مع المعسكر الغربي (والوجود العسكري الأمريكي المستمر).

ومن ناحية أخرى، ظلت كوريا الشمالية "مملكة منعزلة" معزولة . وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات ـ. واصبحت كوريا الشمالية متخلفة اقتصاديا، فضلا عن كونها دولة بوليسية وشمولية تحكمها عائلة واحدة لثلاثة أجيال. وأدت الجهود المتفانية التي بذلتها كوريا الشمالية لتطوير برنامج نووي إلى تفاقم التوترات بشكل كبير مع كوريا الجنوبية وحلفائها، وخاصة الولايات المتحدة. مما يجعل فكرة توحيد كوريا امرا صعبا وشبه مستحيل.