كتاب التاريخ وأدب المناقب - الملتقى الدراسي أبريل 1988 pdf
العنوان : التاريخ وأدب المناقب
الملتقى الدراسي، الرباط / 8-9 أبريل 1988
الناشر : عكاظ
سنة الطبع : 1989
عدد الصفحات :127
تحميل بصيغة pdf مجانا
الموضوع
إن المناقب مفهوم واسع، يمثل مجموعة من السياقات تسود وقائع وأحداث تتصل بسيرة شخصية أو مجموعة من الشخصيات أشتهر جميعها بصدق الطوية وصلاح السلوك تأصيلا للموعظة و إثمارا لنهجها الفاضل القويم. وليس المقصود بالفضيلة مدلولها الأخلاقي فحسب بل جميع الخصال التي اعتبر بها العامة من الناس وأولاها مخيالهم مكانة خاصة. ومن بين تلك الخصال ميز "Michel de Certeau" الثقة في الله وصلابة الإيمان والصبر ورباطة الجأش والتغلب على مساوئ النفس وكبح شهوتها". والمناقب بهذا تمثل أخبارا وحكايات تبرز محاسن، ومآثر، وفضائل الأعلام والنابهين...وقد شهد هذا المصطلح مناقب على مر الأوقات نوعا من التطور انتهی به إلى الاقتران بمعنی خصال القدوة في فعل الخير، والجرأة على صونه، وحمل الناس على الاهتداء به فهي نماذج القدوة القيمية والسلوكية التي يسعى الإنسان دوما إلى اتخاذها مثلا عليا يهتدى بها.
وفي ظل التطور الذي شهده مدلول هذه الكلمات المناقب نجدها تطلق على "مؤلفات تراجم ذات ص بغة تمجيدية ارتبطت في مرحلة من مراحل تطورها في نطاق الحضارة الإسلامية بالحديث عن سير الأولياء وكراماتهم.
والملاحظ أن كلمة "مناقب" بهذه الصورة تحمل معنيين، فهي تدل من جهة على مزايا المترجم له من أخلاق، وفضائل، ومفاخر، كما تدل على كل التصانيف، والمدونات التي تعتني بهذا النوع من الموضوعات و المضامين.
وفي سياق هذه التحولات سجل شارل بلا ( Charles Pellat ) أن كلمة مناقب تطورت من الدلالة على الفضائل والأعمال المحمودة التي يمكن أن تتجسد في سيرة شخص من الأشخاص إلى الدلالة على الخوارق والكرامات التي تنسب إلى الأولياء وذلك بحكم ازدهار التصوف والاهتمام بالمظاهر العجيبة، وقد صارت التأليف التي تهتم بتلك الموضوعات، تبعا لذلك، تحمل تسمية مناقب في الغالب الأعم".
والمستقرئ لمراحل الكتابة التاريخية العربية وأشكالها التعبيرية المختلفة يجد أن المناقب، والتي تندرج ض من أدب السير والتراجم بشكل عام" قد انتقلت من دلالتها على مطلق الأفراد إلى اختصاصها بالأفراد الدينيين لذلك نجد مناقب صيغت حول الفقهاء الكبار أصحاب المذاهب مثل مالك بن أنس و أبي حنيفة والشافعي وابن حنبل [...] ومناقب حول رواة الحديث وكبار الحفاظ مثل البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجة والترمذي مثلما نال التكريم نفسه كبار الزهاد والمتصوفين فلهم بدورهم كتب تروي سيرهم وكراماتهم وأقوالهم". ولكن كلمة مناقب التي صارت تدل في الغالب الأعم على الخوارق والكرامات المنسوبة إلى الأولياء والمتصوفة لا تقتصر على هذه الفئة، لأنها كلمة المناقب" قد تستخدم في كتب التراجم للدلالة على مزايا المترجم له الاجتماعية والأدبية. فمن ذلك استعمال لسان الدين بن الخطيب الكلمة مناقب" في كتابه " الإحاطة في أخبار غرناطة" عندما تحدث عن المجال الذي يتفرد به العلم المترجم له، مثل ترجمته لأحمد بن عبد الله بن عميرة المخزومي، فقد ورد تحت عنوان (مناقبه) قول ابن الخطيب (وهي الكتابة والشعر) .
إذا علمنا أن التاريخ ذلك العلم الذي تعرف به أحوال الماضيين من الأمم الخالية من حيث معيشتهم، وسيرتهم، ولغتهم، وعاداتهم، ونظمهم، وسياستهم، واعتقاداتهم وآدابهم حتى يتم بذلك معرفة أسباب الرقي والانحطاط في كل أمة وجيل 18. إن التاريخ يختلف عن المناقب من ثلاثة أوجه : أولهما : إن التاريخ علم، والمناقب لا ترقى إلى درجة العلم. ثانيهما : إن هدف التاريخ تقديم صورة شاملة عن الحياة في ظروف زمنية محددة بينما يقتصر دور المناقب علی إبراز جزء مضيء في حياة علم من الأعلام ثالثهما : إن التاريخ يحرص على ربط كل حدث بزمنه المحدد بدقة، وليست هذه م ن أولويات المناقب. وتأسيسا على ذلك فإن المناقب لا يمكن اعتبارها تاريخا وإن اشتركت معه في بعض الخصائص. فهل هي تصوف؟
كمال، وقيل : بذل المجهود والأنس بالمعبود، وقيل : حفظ حواسك من مراعاة أنفاسك وقيل : الإعراض عن الاعتراض، وقيل : هو ص فاء العاملة مع الله تعالى، وأصله التفرغ عن الدنيا، وقيل : الصبر تحت الأمر والنهي، وقيل : خدمة التشرف وترك التكلف، و استعمال التطرف، وقيل : الأخذ بالحقائق والكلام بالدقائق والإياس مما في أيدي الخلائق".
وهكذا يبرز لنا أن معظم تعريفات التصوف - مهما اختلفت صیغتها - تتفق في عد المتصوف عبدا صالحا يزهد بالدنيا من أجل الآخرة. ا ودائرة الصلاح التي ينتمي إليها الصوفي في نفسها التي تنتمي إليها المناقب ذلك أنها هبة من الله لمن شاء من عباده الصالحين -